معالج ثماني النواه Octa Core أم رباعي النواه Quad Core من الإختيار الأفضل؟!
معالجات Octa Core أو تلك التي تتمتع بثمانِ أنوية أصبحت شائعة جدًا خصوصًا مع اجهزة اندرويد المتوسطة منذ عام 2018، وأصبح من النادر أن نجد هاتف ذكي بمعالج رباعي النواه (Quad Core) في الوقت الحالي. ولكن يبقى السؤال الملحّ لجميع الأشخاص الذي ينوون شراء هاتف جديد، ما هو البروسيسور الأفضل؟ هل اقوم بشراء هاتف يحتوي على معالج كواد كور رباعي النواه، أم اوكتا كور ثماني النواه؟ حسنًا يا صديقي العزيز، هذا ما نحن بصدد التحديث عنه تفصيليًا بالأسفل.
سوق الهواتف الذكية أصبح في منافسة شرِسة في السنوات القليلة الماضية، وكل عام تكون هذه المنافسة في إزدياد سواء من ناحية العتاد الداخلي (رقاقات المعالجة المركزية خاصةً)، أو من ناحية توفير موارد أكثر فيما يخص الذاكرة العشوائية (الرام)، أو حتى الذاكرة التخزينية أيضًا. ولكن الواقع أن هناك الكثير من الهواتف حاليًا تأتي مع معالج Octa Core ولكن هل هي فعليًا أفضل من معالج Quad Core أم لا؟ حسنًا، تاليًا سنتحدّث بشئ من التفصيل عن نوع المعالج، وبشكل مبسّط أيضًا عن معالجات الهواتف الذكية في الوقت الحالي.
حرب المعالجات بين Intel، وبين AMD
بدأ سباق رقاقات المعالجة منذ وقتٍ طويل حتى وصل للشكل الذي نعرفه اليوم. في الواقع أن هذه الحرب بدأت بين شركة إنتل وشركة AMD في بداية الألفينيات، تحديدًا منذ أطلقت إنتل معالج Core 2 Duo في عام 2005 وأيضًا 2006 مع بعض التطوير، وفي نفس العام قامت AMD بإطلاق سلسلة رقاقات Athlon 64. وبينما تمر الأعوام منذ ذلك الوقت، لم نرى فقط تطور في سرعة الأنوية الداخلية لكل منهم، بل رأينا كذلك زيادة عدد هذه الأنوية وذلك لإمكانية استيعاب جهد أكثر، وقوة أكثر للعمليات التي يقوم بتنفيذها المعالج في نفس الوقت. والآن، أصبح المقياس لأحدث معالجات هو عدد 8 أنوية أو Octa Core، رغم أنها ما زالت أقوى كثيرًا من تلك المتواجدة في الهواتف الذكية.
معالجات الهواتف: Octa Core أم Quad Core؟
بالنسبةِ لمعالجات الهواتف الذكية، رأينا أيضًا تطور مشابه لمعالجات الأجهزة الكبيرة، في البداية كانت الهواتف التي تحتوي على رقاقات Octa-Core قليلة للغاية، والآن معظمها أصبحت كذلك. الآن، هواتف اندرويد بالأخص أصبحت تتشابه في الكثير من خواص المعالجة مع أجهزة الكمبيوتر واللاب توب فيما يخص عدد الأنوية، ولكن لماذا حدث ذلك بهذه السرعة؟
معظم هواتف اندرويد في حتى وقت قريب كانت تستخدم معمارية ARM في صناعة المعالج، والتي تسمح للشركات ببساطة بوضع معالج “قوي” رباعي النواه في الأجهزة الذكية الجديدة. ولكن رغم ذلك، آن ذاك كان لا يوجد ذلك الإهتمام بقوة البطارية والتي تستطيع تشغيل الشاشة، الشبكة، خدمات GPS، والأشياء الأخرى في الهاتف خلال اليوم كاملًا. لذا، تكنولوجيا ARM أخرجت لنا ما كان معروف بإسم رقاقات Dual Core (ثنائية النواه)، والتي كانت في الواقع عبارة عن معالج واحد ولكن بداخله 4 أنوية ولكنهم يتشاركون نفس الذاكرة العشوائية والتي كانت بإسم: big.LITTLE.
لذا، بعض الأنوية بداخل المعالج بإمكانه منحك أداء قوي جدًا عندما تحتاجه (بالطبع مع سلبية وحيدة ألا وهي استنزاف البطارية)، أما البعض الآخر فهو مخصص أكثر للمهام الخفيفة التي لن تحتاج هذا الكم من المعالجة، ولكنها مع ذلك تحتاج كمية أقل من طاقة البطارية. عادةً، نصف أنوية المعالج فقط هي التي يتم استخدامها أثناء فعلك لشئ على الهاتف، لذلك الإستخدام المعتاد فعليًا يستخدم 4 أنوية من المعالج فقط، أي أنك إذا فكرت لدقائق لن تحتاج لمعالج أكبر من رباعي النواه.
الأنوية الخاصة بالمهام الخفيفة هي التي يستم استخدامها في معظم الأحيان، ويتضمن ذلك بعض المهام المتكررة يوميًا مثل قراءة أو إريال واستقبال البريد الإلكتروني، التنقل بين الوظائف النظام المعتادة، بالإضافة إلى تصفح الإنترنت كمثال. ولكن عندنا تحتاج إلى معالجة أقوى، مثل تشغيل لعبة ببجي مثلا أو عمل بعض تعديلات الصور والفيديو، المعالج سيقوم تلقائيًا بنقل هذه المهام إلى الأنوية الأقوى لمنحك أداء أفضل.
حتى الآن، معالجات Octa Core الوحيدة التي رأيناها بهواتف الذكية بنظام اندرويد كانت من بعض الشركات مثل كوالكوم، سامسونج، ميدياتك، بالإضافة إلى شركة هواوي. شركة آبل كمثال، لوقتٍ طويل جدًا كانت في الواقع تستخدم معالجات ثنائية النواه في هواتف الايفون. وبدءًا من هاتف iPhone 7 فقط قامت الشركة أخيرًا بالتغيير لمعالجات Quad Core. ولكنها مع ذلك تشابهت في خواصها مع معالجات أوكتا كور بحيث كانت رقاقة A10 Fusion تحتوي على معالجين ثنائيين النواه، نواتين منهم مخصصتين للمهام الثقيلة، والأخرتين لتوفير البطارية في المهام الخفيفة.
لذا، تكنولوجيا big.LITTLE هنا لا تعني بالضرورة أنه كلما زاد عدد الأنوية أو قل فهو سيؤثر على الأداء بأي شكل. هناك بعض الهواتف في الوقت الحالي التي تحتوي على معالج hexa-core (سداسي النواه)، والتي في الواقع تستخدم نواتين للمهام الثقيلة والأداء القوي، بجانب 4 أنوية للمهام الخفيفة لإمكانية توفير طاقة البطارية. هل تعلم أن هناك حتى معالجات Octa Core ذات ثمانِ أنوية جميهم مخصصين في الأساس للمهام الخفيفة، مثل معالج Snapdragon 625 من كوالكوم مثلا.
الأداء: رباعي النواه، ثماني النواه، أم ثنائي النواه؟!
إذا قمنا بمقارنة المعالجان بناءًا على أرقام أو معايير برامج اختبار الأداء، ستلاحظ دائمًا أن معالجات Octa Core ليست بضعف قوة معالجات Quad Core. وبالنظر إلى ما تعرفه الآن عن تصميمات وهندسة المعالجات، بطبيعة الحال هذا غير متوقع لأننا لا نتحدث هنا عن مجرد عدد أنوية.
ومرة أخرى إذا نظرنا عن قرب على هاتف ايفون 7، ستلاحظ أنه ليس بضعف سرعة ايفون 6S مثلا. في الواقع أنه أسرع تحديدًا بنسبة 40% في تنفيذ المهام اليومية. هذا ليس بسبب زيادة أنوية المعالج، ولكن السبب الحقيقي هنا هو تحسين أداء وتكنولوجيا الأنوية الخاصة بالمهام الثقيلة فقط، وليس بسبب أن عدد الأنوية في معالج رباعي النواه ضعف عددها في معالج ثنائي النواه. والشئ المثير للدهشة في الحقيقة هو أن هواتف ايفون طالما ما تفوقت على معظم هواتف اندرويد عادةً (بنصف) عدد أنوية المعالج فقط.
ولا تنسى أيضًا ان رقاقة المعالجة بداخل الهاتف ليست مسئولة بأي شكل عن أداء الرسوميات والألعاب، وذلك لأن هذا يعتمد كليًا على معالج الرسوميات بداخل المعالج أو GPU. وهذا هو المعيار الأكبر في كيفية قياس أداء الألعاب في هاتف ما، ولكن مع ذلك وبجانب معالج الرسوميات، يجب أن تضع أيضًا قوة الشاشة وجودتها في الحسبان. بحيث يُمكنك أن يكون معالج الرسوميات ممتاز جدًا في معالجة وتشغيل الألعاب بسلاسة، ولكن مع ذلك الشاشة غير قادرة على توصيل هذا المحتوى كما يجب أن يكون.
هل معالج Octa Core أسرع من Quad Core؟
لذا، وبناءًا على ما قرأته بالأعلى، يجب أن تكون على عِلم بالفعل أن المعالجات ثمانية النواه ليست بالضرورة أسرع من المعالجات رباعية النواه وبالتالي ليست الإختيار الأفضل في جميع الأحيان خاصةً إذا كنت مهتم بتشغيل ألعاب ثقيفة مثل كول اوف ديوتي أو فورت نايت مثلا. ربما حتى معالج Octa Core لا يكون خيار أفضل في استخدامات الهاتف اليومية المعتادة، لذلك من الهام قبل أن تقرر أي الهواتف تنوي شرائها أن تقوم بقراءة المراجعات أو أن تلقي نظرة سريعة على أرقام نتائج benchmark المختلفة.
بطبيعة الحال، نحن نتحدث هنا عن معالجات الهواتف بمستوى عالي من الدقة والتعقيد. أعني أن الاداء الكلي للهاتف عمومًا مبني على الكثير من الأشياء الأخرى مثل سعة الذاكرة العشوائية وسرعة وتكنولوجيا تصنيع الذاكرة التخزينية بالإضافة إلى عامل نظام التشغيل بالطبع. نظام التشغيل وواجهة المستخدم تحديدًا من اهم الأشياء في تحديد سرعة وتجربة استخدام هاتف ما، وذلك لأن معظم التطبيقات قد تم برمجتها في الأساس لتقوم باستخدام جميع انوية المعالج المتوفرة. بالطبع هذا موضوع مختلف تمامًا عمّا نتحدث عنه هنا. ومع ذلك، هذا خاص بنظام الاندرويد فقط، كون أن نظام iOS قد تم تحسينه في الأساس لأفضل استخدام للأنوية المتعددة.
وأخيرًا، هل أختار معالج Quad Core أو Octa Core؟
لذا، دعنا ننهي هذا الأمر ونذهب إلى السؤال الحقيقي والذي بسببه قد تشرفنا بزياتك لنا اليوم. هل من الأفضل أن اقوم بشراء هاتف ذو معالج بعدد انوية أكثر؟ حسنًا، ليس بالضرورة على الإطلاق!
شخصيًا قمت باختبار أداء العديد من المعالجات على العديد من الهواتف بمختلف الأنواع، وليس هناك أي دليل على أن كلما زاد عدد الأنوية ستحصل على أداء أفضل. وكما ذكرنا بالأعلى، عدد الأنوية الأكثر أو معالجات Octa Core تحديدًا عادةً تكون مخصصة للحِفاظ على البطارية أو تنفيذ المهام الخفيفة. لذا، ببساطة، معالج الهاتف سواء كان ثنائي النواه، أو رباعي النواه، أو حتى ثمانِ النواه لا يخبرك أي شئ سواء عن هندسة تصنيع المعالج أو قوة معالجة الرسوميات بالإضافة إلى كم من هذه الأنوية هو في المواقع مخصصة للأداء القوي.
بجانب أنه ليس من المنطقي في الأساس أن تقوم بشراء هاتف جديد بناءًا على عدد الأنوية الخاصة به! وهو نفس السبب أنك لن تقوم بشراء سيارة مثلا بسبب عدد الأسطوانات في المحرك! أعني أن هناك العديد من الأشياء الأخرى التي يجب أن تعرفها أولًا ثم بعد ذلك تتخذ قرارك.